شعر – حسن الكميت
أنتَ يا غُرَّة الأعوام
أَحْدَثَهُمْ.. كَأَيِّ عَامٍ
قَدِيمٍ يُحْدِثُ المَوْتَى!
تَمْضِي وَبَعْضُكَ أَنْقَاضٌ
تََجَهَّم في بِيدِ القِفَارِ..
لماذا لَمْ تَشَأْ أَنْتَا؟
وأنتَ يوماً زرعتَ
العُمْرَ أُغنيةً.. للعابرينَ
وساومتَ الهوى سَمْتَا!
فمن ترافقُ؟ طافتكَ
المرافئُ لم تُبْحِرْكَ..
فالموجُ يثوي فوقها تحتا..
لا بَعْثَ للضوء؟ في بعضِ
الرؤى خجَلٌ! ..لا بَعْثَ
يَسْقِي خِوَائي جَانِبَ المَأتَى؟
ما زالَ في الصوتِ ثُوَّارٌ
تُحَشْرِجُني.. قالوا جميعا
جميعا ارفعوا الصوتا..
قومٌ من الرُضَّعِ الناجين
أسْمَعَهُمْ.. فكيفَ تَكْبُتُ
قوما للأسى كبتا..
تلك التهاويم كيف
اللهُ أيقظها على مطايا
نحيبٍ تنطقُ الصمتا..
عادَ الضجيجُ! وهذا
كلهمْ رجعوا.. عن آسِرٍ
ذرَّ في عين النوى مقتا..
عن الرسومِ التي ظلَّت
تنوحُ غدا.. لعزلةٍ
لم تُذِقْ أطفالَها سُحْتا..
عن روحنا حينما باتتْ
مسافرةٌ.. عن العهودِ
التي تَمْضي بنا حتَّى..
إذا جَهِلْنا عليْنا تائهينَ
بنا.. أَهْدَتْ إلينا
مسامات اللَّمى وقتا..
وآخرُ الضوءِ قد يغفو
بشمْعَتِهِ.. وأنتَ تبقى
كفيفا والعمى شتَّى…